ذكريات مبلله بالمطر
الاثنين، 17 ديسمبر 2012
الاثنين، 10 ديسمبر 2012
من فضائل أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها
من فضائل أم المؤمنين
عائشة - رضي الله عنها - ومناقبها حبيبة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم |
الشيخ عاطف عبد المعز الفيومي
|
الخميس، 22 نوفمبر 2012
طفل عند قبر امه
طفل مستواه ضعيف في المدرسة '
ذهب إلى قبر أمه و قال:
تعالي يا آمٌي معي
فإنّ المعلمّ دائمآ يضربني .. !
و أمام جميع التّلاميذ يبكيني
ويقول لي دائمآ: أمك امرأة
مهملة فهي لا تهتمّ بك
كن حذراً فبعض الكلام
( يقتل ) ..
الجمعة، 16 نوفمبر 2012
الخميس، 15 نوفمبر 2012
بنت "الخليفة" و"الخليفة" جدها، وأخت "الخلفاء" والخليفة زوجها
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ما الذي يجعل من امرأة تفردت في الوصف بكونها بنت "الخليفة" و"الخليفة" جدها، وأخت "الخلفاء" والخليفة زوجها تتخلى عن حياة الأميرات المدللات المنعمات بنعيم القصور وتختار حياة التقشف والشظف ؟ ومَنْ تلك التي ترضى بهذا التحول المفاجئ من سيدة آمرة ناهية إلى امرأة بسيطة تغسل ثوب زوجها، وتعجن العجين وتطهو الطعام بلا خدم ولا حشم؟ إنه الطمع فيما عند الله الذي يبدد الطمع فيما سواه، ويجعل من زخارف الدنيا وزينتها – مهما كثرت- شيئا هينا لا قيمة له ولا وزن، إذا ما قُورن بالنبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون.
تلك هي قصة السيدة فاطمة بنت عبد الملك زوج الخليفة الراشدي سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه. على أثر أمهات المؤمنين
لم يكن التوجيه الرباني لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بإيثار الله ورسوله والدارة الآخرة على الدنيا وزخرفها إلا ليَكُن، رضي الله عنهن، ذلك النموذج الخالد لنساء الدهر باختلاف أزمانهن وظروفهن وحال معاشهن.. وذلك في قوله عز وجل:" يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن و أسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما" الأحزاب، الآيتنان29-28.
والناظر في تاريخ النساء اللواتي تعرضن لمثل هذا الاختبار الصعب حقا، لا يمر إلا ويستوقفه الموقف الخالد للسيدة فاطمة بنت عبد الملك رحمها الله. التي وُهبت من الحسن والجمال والحظوة والجاه ما يجعلها من أكثر النساء انسياقا مع زينة الدنيا وزخرفها. لكن الله عز وجل منّ عليها بأن كانت على أثر أمهات المومنين رضي الله عنهن.
إذ بين عشية وضحاها يَختار لها القدر الرباني عيشة المساكين والفقراء.. فتدور رحمها الله مع قدر الله حيث دار غير ضَجرة ولا متبرمة بعد أن تخلت صحبةَ زوجها عمر بن عبد العزيز عن حياة الملوك والقصور.. ويدخل عليها رضي الله عنه في يوم من أيام خلافته، فإذا بها تخيط ثوبه بيدها فتذكر تلك الأيام التي كانت فيها في قصر السلطنة منعمة مكرمة تعيش في رغد من العيش، تشير ببنانها فتلبي الجواري إشارتها وتتمنى وسرعان ما تتحقق أمنيتها. فأراد أن يداعبها ويخفف عنها فدنا منها وقال:" يا فاطمة لنحن في ليالي دابق أنعم منا اليوم"، فقالت فاطمة للخليفة الذي يرتدي أخشن الثياب:" والله ما كنت على ذلك يومئذ أقدر منك اليوم". فقال:" يا فاطمة، إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم" فسكتت رضي الله عنها قانعة راضية.
طاعة من طاعة الله ووفاء نادر
عاشت السيدة فاطمة وزوجها الفاضل على نهج الخلفاء الراشدين ونمط حياتهم في العيش والاعتماد بعد الله تعالى على كد اليد بعيدا عن أموال المسلمين. وبقيت رحمها الله معه على ذلك حتى آخر لحظات حياته. وتستمر رضي الله عنها مخلصة وفية لزوجها حتى بعد وفاته. فبعد رحيله رضي الله عنه إلى ربه، آل أمر السلطان من بعده إلى أخيها يزيد بن عبد الملك الذي رَدَّ إليها أموالَها وجواهرَها، لكنها أبت أن تأخذها، فإن كان عمر قد رحل فإن وجه الله باق وأجابته قٌائلة :"والله لا أطيعه حيا وأعصيه ميتا". وفي رواية :" فرد عليها أخوها يزيد بن عبد الملك ذلك فامتنعت من أخذه وقالت:" ما كنت لأتركه ثم آخذه. فقسمه يزيد بين نسائه ونساء بنيه".1 ( : من كتاب " سيرة عمر بن عبد العزيز عبد الله بن الحكم، على ما رواه الإمام أنس وأصحابه.
فاطمة مدرسة للاقتداء
كانت السيدة فاطمة بنت عبد الملك رحمها الله كما وصفها أصحاب السير، تقية وَرعَة في دين الله، متواضعة في عزّة، صابرة على الطاعة ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، ذات عقل وتدين كبير، أديبة "تحفظ الشعر والنثر إلى جانب ما تيسر من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، صحبت زوجها فأحسنت صحبته حيا وميتا، ولها معه مواقف رائعة جعلتها مثالا للمرأة المسلمة والزوجة الصالحة، وقدوة مضيئة لمن أراد أن يقتدي بسيدة فاضلة" ابن كثير، البداية والنهاية 9/201.
فاستحقت بحق أن تكون مدرسة نتعلم منها مناقب الخير، وعلى رأسها خصلة إيثار ما عند الله، وفضيلة الصبر على المحن، والتسليم بالقضاء والقدر، ومعاشرة الزوج بما يرضي الله تعالى وَفْقَ المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. إنها بحق نموذج للصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله، وموعظة لكل لاهية في زينتها، ومستهترة بدينها وعاصية لربها ومن له الحق عليها. جعلنا الله في جوار من كان لهن قدم الصدق والسبق عند الله آمين. والحمد لله رب العالمين
تلك هي قصة السيدة فاطمة بنت عبد الملك زوج الخليفة الراشدي سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه. على أثر أمهات المؤمنين
لم يكن التوجيه الرباني لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بإيثار الله ورسوله والدارة الآخرة على الدنيا وزخرفها إلا ليَكُن، رضي الله عنهن، ذلك النموذج الخالد لنساء الدهر باختلاف أزمانهن وظروفهن وحال معاشهن.. وذلك في قوله عز وجل:" يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن و أسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما" الأحزاب، الآيتنان29-28.
والناظر في تاريخ النساء اللواتي تعرضن لمثل هذا الاختبار الصعب حقا، لا يمر إلا ويستوقفه الموقف الخالد للسيدة فاطمة بنت عبد الملك رحمها الله. التي وُهبت من الحسن والجمال والحظوة والجاه ما يجعلها من أكثر النساء انسياقا مع زينة الدنيا وزخرفها. لكن الله عز وجل منّ عليها بأن كانت على أثر أمهات المومنين رضي الله عنهن.
إذ بين عشية وضحاها يَختار لها القدر الرباني عيشة المساكين والفقراء.. فتدور رحمها الله مع قدر الله حيث دار غير ضَجرة ولا متبرمة بعد أن تخلت صحبةَ زوجها عمر بن عبد العزيز عن حياة الملوك والقصور.. ويدخل عليها رضي الله عنه في يوم من أيام خلافته، فإذا بها تخيط ثوبه بيدها فتذكر تلك الأيام التي كانت فيها في قصر السلطنة منعمة مكرمة تعيش في رغد من العيش، تشير ببنانها فتلبي الجواري إشارتها وتتمنى وسرعان ما تتحقق أمنيتها. فأراد أن يداعبها ويخفف عنها فدنا منها وقال:" يا فاطمة لنحن في ليالي دابق أنعم منا اليوم"، فقالت فاطمة للخليفة الذي يرتدي أخشن الثياب:" والله ما كنت على ذلك يومئذ أقدر منك اليوم". فقال:" يا فاطمة، إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم" فسكتت رضي الله عنها قانعة راضية.
طاعة من طاعة الله ووفاء نادر
عاشت السيدة فاطمة وزوجها الفاضل على نهج الخلفاء الراشدين ونمط حياتهم في العيش والاعتماد بعد الله تعالى على كد اليد بعيدا عن أموال المسلمين. وبقيت رحمها الله معه على ذلك حتى آخر لحظات حياته. وتستمر رضي الله عنها مخلصة وفية لزوجها حتى بعد وفاته. فبعد رحيله رضي الله عنه إلى ربه، آل أمر السلطان من بعده إلى أخيها يزيد بن عبد الملك الذي رَدَّ إليها أموالَها وجواهرَها، لكنها أبت أن تأخذها، فإن كان عمر قد رحل فإن وجه الله باق وأجابته قٌائلة :"والله لا أطيعه حيا وأعصيه ميتا". وفي رواية :" فرد عليها أخوها يزيد بن عبد الملك ذلك فامتنعت من أخذه وقالت:" ما كنت لأتركه ثم آخذه. فقسمه يزيد بين نسائه ونساء بنيه".1 ( : من كتاب " سيرة عمر بن عبد العزيز عبد الله بن الحكم، على ما رواه الإمام أنس وأصحابه.
فاطمة مدرسة للاقتداء
كانت السيدة فاطمة بنت عبد الملك رحمها الله كما وصفها أصحاب السير، تقية وَرعَة في دين الله، متواضعة في عزّة، صابرة على الطاعة ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، ذات عقل وتدين كبير، أديبة "تحفظ الشعر والنثر إلى جانب ما تيسر من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، صحبت زوجها فأحسنت صحبته حيا وميتا، ولها معه مواقف رائعة جعلتها مثالا للمرأة المسلمة والزوجة الصالحة، وقدوة مضيئة لمن أراد أن يقتدي بسيدة فاضلة" ابن كثير، البداية والنهاية 9/201.
فاستحقت بحق أن تكون مدرسة نتعلم منها مناقب الخير، وعلى رأسها خصلة إيثار ما عند الله، وفضيلة الصبر على المحن، والتسليم بالقضاء والقدر، ومعاشرة الزوج بما يرضي الله تعالى وَفْقَ المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. إنها بحق نموذج للصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله، وموعظة لكل لاهية في زينتها، ومستهترة بدينها وعاصية لربها ومن له الحق عليها. جعلنا الله في جوار من كان لهن قدم الصدق والسبق عند الله آمين. والحمد لله رب العالمين
الاثنين، 12 نوفمبر 2012
الداعية السعودي قتل ابنته ذات الخمس سنوات «شكًا في سلوكها»
قالت عضوة جمعية حقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين حمّاد، في حوار مع صحيفة «سبق» السعودية إن الداعية قتل طفلته لأنه يشك في سلوكها، وتساءلت :«أعرف كيف يشك في سلوكها وهي طفلة عمرها 5 سنوات، وأي مبرر لكل هذا التعذيب الذي أدى إلى وفاتها؟، لافتةً إلى أنه تم التأكد من عذريتها.
وذكرت سهيلة زين العابدين أنها تخشى أن يقولوا إن والد الضحية يعاني حالة نفسية وتتم إحالته للمستشفى ويفلت من العقاب، أو أن يتم الحكم عليه بالسجن والجلد ولا يقتص منه، لأن الوالد حسب قاعدة فقهية واردة في كتاب المغني لابن قدامة «لا يقتل إن قتل ولده، ولكن تقتل الأم بقتلها ولدها».
واعتبرت أن «كلا الحكمين مع الأسف وإن حدث فسيزيد من هذه الجرائم في ظل عدم وجود العقاب الرادع»، مطالبة المعهد العالي للقضاء وكليات الشريعة بإعادة النظر في مناهجها الدراسية، بعد تصحيح المفاهيم للآيات القرآنية المتعلقة بالمرأة، وبالأحكام والعلاقات الأسرية والزوجية وعدم الاعتماد على اجتهادات فقهاء، أو مستندة إلى أحاديث ضعيفة وموضوعة وشاذة ومفردة ومرسلة، وغير مستندة إلى نصوصٍ قرآنية، وهؤلاء الفقهاء بشر قد يصيبون أو يخطئون.
وأضافت: «لو فرضنا أن والد (لمى) قام بضربها وفقاً لحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، عن الصلاة «اضربوهم عليها لعشر»، فالضرب، وليس التعذيب وكسر الجمجمة والضلوع واليد، والكي بالنار لمن بلغوا عشر سنوات من أجل الصلاة، ولمى ابنة خمس سنوات ولا تجب عليها الصلاة، وتعذيبه لها لأنه شك في سلوكها غير مبرر البتة، فهذه طفلة لا تعرف ما هي العلاقات العاطفية أو الجنسية هل يعقل هذا؟.
كانت الطفلة (لمى) البالغة من العمر خمسة أعوام قد فارقت الحياة بعد معاناة مع المرض بسبب التعنيف المستمر الذي تعرضت له من قبل والدها «الداعية» الذى استخدم جميع أصناف التعذيب والتنكيل بها مما تسبب في فقدانها الوعي ودخولها غرفة العناية المركزة بمستشفى الشميسي بمدينة الرياض قبل عدة أيام.
وقد نقلت وسائل إعلام سعودية أنباء حول تأكيدات أمنية بإلقاء القبض على الداعية الإسلامي، والذى يعتقد أنه الداعية فيحان الغامدي، والد الطفلة السعودية المعنفة، كما أطلق عليها نشطاء تويتر، والتي لقت حتفها بعد تعذيبه لها، وإحالته الى هيئة التحقيق والادعاء العام للتحقيق معه.
الأحد، 11 نوفمبر 2012
خديجة بنت خويلد سيرة عطرة وقدوة صالحة
بسم الله الرحمن الرحيم
خديجة بنت خويلد سيرة عطرة وقدوة صالحة
" خديجة بنت خويلد " .. اسم يتلألأ في تاريخ الإسلام - كما يتلألأ القمرُ ليلةَ البدر في أفق السماء -. "خديجة بنت خويلد" .. رمزُ الوفاء والصدق، والحكمة والعقل، والصبر والثبات.
تزوجت برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت نِعمَ الزوجُ لزوجِها؛ ملأت عليه كلَّ حياته؛ إذْ كانت دائمةَ المبادرةِ إلى مرضاته، لا ترى له رغبةً في شيءٍ إلا وأسرعتْ بما يُعينه على تحقيقِها. رأت إعجابَه بغلامِها - زيدِ بنِ حارثة -؛ فوهبته له. رأت تعلقَ قلبه بالخلوةِ في غار حراء - الليالي الطويلة قبيل البعثة -؛ فكانت تهيئُ له الزادَ، وترسل معه مَن يقوم برعايته دون أنْ يفسدَ خلوته. تفعل ذلك بنفسٍ راضية، مع أنَّ في خلوتِه بعيدًا عنها إضرارًا بها؛ فالزوجة تحبُّ قربَ زوجها منها - ولا سيما حين يرخي الليلُ سدوله؛ لتأنسَ به، وتطمئن إليه -.
وجاء المَلَك - فجأة -، ونزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فظنه الموت، أو الجنون، أو إحدى الدواهي العظيمة. فرجع إلى بيته مسرعًا، هلعًا، خائفًا. تلقته " خديجة " وهو على ذلك الحال مِن الفزع، فما كان موقفها؟ هل وجَدَتْها فرصةً للتشفِّي والانتقام مِن هذا الزوج كثيرِ البياتِ خارج المنزل؟ مِن هذا الزوجِ المنشغلِ عن زوجِه وبيتِه وبناتِه بتأملاتِه؟ أليس هذا ما ستفعله عامةُ النساء لو كنَّ في مكانِ " خديجة "؟
أما " خديجة "؛ فكانت طرازًا آخرَ مِن النساء، لا تشبههنَّ في نقصهنّ، ولا يشبِهْنَها في كمالِها. كانت تنظرُ بعينٍ بعيدةِ المدى، واسعةِ الأفق. كانت ذاتَ صفاءٍ نفسي، وشفافيةٍ بالغة ، كأنما تنظرُ إلى الغيب مِن وراءِ سِتر رقيق، كانت واثقةً مِن زوجها وصوابِ تصرفاته، تتنبأ له بنبأ عظيم. فأدركت سريعًا أنَّ عليها أنْ تحسمَ الأمرَ بسرعة، أنَّ عليها مهمة عظيمة، وهو طمأنة زوجِها، وتسكينه، وتهدئة روعه؛ فقالت - مستدلةً بالماضي على المستقبل -: ( كلا - واللهِ -، لا يخزيك الله - أبدًا -؛ إنك لَتَصِلُ الرحم، وتحملُ الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتقرِي الضيف، وتعين على نوائبِ الدهر ).
لم تكتف بذلك؛ بل أخذت بيده وذهبت به إلى عالِم " مكةَ " بالكتاب الأول؛ إلى ابنِ عمِّها
" ورقةَ بنِ نوفل ". فقصَّ عليه خبرَه؛ فقام ورقةُ وقبّل رأسَ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبشّره أنه نبيُّ هذه الأمة. وجاءت الرسالة، وأخذ - صلى الله عليه وسلم - يدعو قومَه إلى عبادة الله وحده. فطاشت أكبرُ العقول، وأذكاها. لكنّ خديجة بادرت إلى الإيمان؛ فكانت أولَ مَن آمن. صدّقتْ به حين كذّبه الناس، وآمنت به حين كفرَ به الناس.
وانطلق الرسول - صلى الله عليه وسلم - ماضيًا في دعوتِه، قد أخذت عليه كلَّ همِّه، لا يفتأ عنها ليلاً ولا نهاراً. وزوجُه " خديجة " إلى جواره شامخةً شموخَ جبال " مكةَ " الشمّاء، لا تزعزعها الأهوال، ولا يميل بها خوفٌ ولا رجاء.
وجاء الحصارُ الآثم الغاشم - حصار (الشِّعب) - الذي استمر ثلاثَ سنوات، وتنتقل خديجةُ مع زوجِها - مع أنها ليست مِن بني هاشم -، وهي عجوز جاوزت ستين عاماً، قد شاب شعرُها ووهَن عظمُها، وخارتْ قوَّتُها، لكنَّ إيمانَها لا يزداد كلَّ يوم إلا شباباً، وثباتَها لا يزداد إلا صلابة. ها هي تبذل لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّ ما تقدر. بذلت شبابَها ولسانها ومالَها وعمرَها وكلَّ شيء في سبيل مرضاةِ اللهِ وفي سبيلِ إتمام النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مسيرة دعوته.
انتهى الحصارُ الغاشم، ولكن بدأت رحلتُها مع المرض - مرض الموت -، وتأتيها البشارةُ من ربِّها قبل موتها كالجوائز التي تمنح للعظماء في أواخر أدوارهم. هذا جبريل - عليه السلام - يُبَلِّغُها على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلامَ مِنَ الله ، والسلامَ منه، ويبشِّرُها ببيتٍ في الجنة مِن قصب - أي مِن ذهب -، لا صخَبَ فيه، ولا نصب. بيت من ذهب، لا صخب فيه، ولا ضجيج؛ مقابل ما تحمَّلتْه مِن صخب المشركين والمستهزئين مِن رجال قريش ونسائها. وميزة أخرى في هذا القصر: أنْ لا نصَبَ عليها فيه، راحة تامة؛ مقابل ما تعبتْ في أيامِها الخالية؛ لقد شاركتْ رسولَ الدعوة فدفعتْ ثمنَ شراكَتِها كثيراً مِن الجهد والسهر والبذل والعطاء؛ فعوَّضَها ربُّها خيرَ عوض.
ثم جاء ملَك الموت، فقبض روحَها الطاهر، وحزِنَ النبي - صلى الله عليه وسلم - على فقدها حزناً عظيماً - وحقَّ له -؛ حيث فَقدَ فيها الزوجَ الحنون، ورفيقةَ درب مدة ربع قرن، فقدَ العضدَ والنصير الداخليَّ الذي كان يخفف مِن أحزانه، ويمسح عنه غمومَه، وما أكثرها على النبي - صلى الله عليه وسلم- في تلك الفترة، حتى قال له ربُّه: {فلعلك باخِعٌ نفسَك}؛ أي: لعلك مهْلِكٌ نفسَك حزناً على عدم إيمان قومك.
مرت السنون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد موتِ خديجة، لكنه لم ينسَها، لم يُشغله عن ذكراها أعباء الدعوة، ولا هول الحروب، ولا الانشغال بتدبير بيوت عشر زوجات في وقت واحد، كان معها على غايةِ الوفاء، ومِن صورِ وفائه إكرامِه لصديقاتها، فما ذبح شاةً إلا وأرسل إليهنّ؛ إكراماً لذكرى خديجة. وجاءته - مرةً - عجوز؛ فهَشَّ لها وأقبل عليها، وأكرمها، فتعجبت " عائشة " مِن هذه الحفاوة ؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: إنها صديقة خديجة. وكان قلبُه يخفق حين يفجؤه ما يذكِّرُه بخديجة. ها هي " هالة بنت خويلد " تستأذن عليه - فجأة -؛ فسمع صوتَها، وذكَرَ فيه صوتَ " خديجة "؛ فهبَّ قائماً، وقال: " اللهم هالة، اللهم هالة " - أي: اللهم اجعلها هالة -.
ويتوج النبي - صلى الله عليه وسلم - " خديجة " بتيجان لا تبليها الأيام. لقد جعلها - صلى الله عليه وسلم - في مصاف " مريم بنت عمران "؛ حيث يقول: " خير نسائها - يعني الجنة -: مريم بنت عمران، وخير نسائها: خديجة بنت خويلد ". ويقول مبيناً بلوغَها قمةً في الكمال لم تبلغه مِن نساء العالمين إلا القليل: " كمُلَ مِن الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وآسية بنت مزاحِم ". وسمع مرةً فيها بعضَ ما يكره بدافع الغِيرة مِن بعضِ زوجاتِه - بعد موتِها بزمن-؛ فهبَّ مدافعاً عنها ذاكراً لجميلها، مُحيّياً لبعض فضائلها: " صدقتْني إذْ كذّبني الناس، وآمنتْ بي إذْ كفر بي الناس، وواستني بمالِها إذْ حرمني الناس، وكانت .. وكانت ..، وكان لي منها ولد ".
فرضيَ اللهُ عن خديجة، وأخذ بنواصي نساءِ الإسلام ليتخذن منها قدوةً وأسوة. وصلى الله وسلم على هذا النبيِّ الوفيِّ الكريم.
علي بن يحيى الحدادي
الرياض
" خديجة بنت خويلد " .. اسم يتلألأ في تاريخ الإسلام - كما يتلألأ القمرُ ليلةَ البدر في أفق السماء -. "خديجة بنت خويلد" .. رمزُ الوفاء والصدق، والحكمة والعقل، والصبر والثبات.
تزوجت برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت نِعمَ الزوجُ لزوجِها؛ ملأت عليه كلَّ حياته؛ إذْ كانت دائمةَ المبادرةِ إلى مرضاته، لا ترى له رغبةً في شيءٍ إلا وأسرعتْ بما يُعينه على تحقيقِها. رأت إعجابَه بغلامِها - زيدِ بنِ حارثة -؛ فوهبته له. رأت تعلقَ قلبه بالخلوةِ في غار حراء - الليالي الطويلة قبيل البعثة -؛ فكانت تهيئُ له الزادَ، وترسل معه مَن يقوم برعايته دون أنْ يفسدَ خلوته. تفعل ذلك بنفسٍ راضية، مع أنَّ في خلوتِه بعيدًا عنها إضرارًا بها؛ فالزوجة تحبُّ قربَ زوجها منها - ولا سيما حين يرخي الليلُ سدوله؛ لتأنسَ به، وتطمئن إليه -.
وجاء المَلَك - فجأة -، ونزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فظنه الموت، أو الجنون، أو إحدى الدواهي العظيمة. فرجع إلى بيته مسرعًا، هلعًا، خائفًا. تلقته " خديجة " وهو على ذلك الحال مِن الفزع، فما كان موقفها؟ هل وجَدَتْها فرصةً للتشفِّي والانتقام مِن هذا الزوج كثيرِ البياتِ خارج المنزل؟ مِن هذا الزوجِ المنشغلِ عن زوجِه وبيتِه وبناتِه بتأملاتِه؟ أليس هذا ما ستفعله عامةُ النساء لو كنَّ في مكانِ " خديجة "؟
أما " خديجة "؛ فكانت طرازًا آخرَ مِن النساء، لا تشبههنَّ في نقصهنّ، ولا يشبِهْنَها في كمالِها. كانت تنظرُ بعينٍ بعيدةِ المدى، واسعةِ الأفق. كانت ذاتَ صفاءٍ نفسي، وشفافيةٍ بالغة ، كأنما تنظرُ إلى الغيب مِن وراءِ سِتر رقيق، كانت واثقةً مِن زوجها وصوابِ تصرفاته، تتنبأ له بنبأ عظيم. فأدركت سريعًا أنَّ عليها أنْ تحسمَ الأمرَ بسرعة، أنَّ عليها مهمة عظيمة، وهو طمأنة زوجِها، وتسكينه، وتهدئة روعه؛ فقالت - مستدلةً بالماضي على المستقبل -: ( كلا - واللهِ -، لا يخزيك الله - أبدًا -؛ إنك لَتَصِلُ الرحم، وتحملُ الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتقرِي الضيف، وتعين على نوائبِ الدهر ).
لم تكتف بذلك؛ بل أخذت بيده وذهبت به إلى عالِم " مكةَ " بالكتاب الأول؛ إلى ابنِ عمِّها
" ورقةَ بنِ نوفل ". فقصَّ عليه خبرَه؛ فقام ورقةُ وقبّل رأسَ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبشّره أنه نبيُّ هذه الأمة. وجاءت الرسالة، وأخذ - صلى الله عليه وسلم - يدعو قومَه إلى عبادة الله وحده. فطاشت أكبرُ العقول، وأذكاها. لكنّ خديجة بادرت إلى الإيمان؛ فكانت أولَ مَن آمن. صدّقتْ به حين كذّبه الناس، وآمنت به حين كفرَ به الناس.
وانطلق الرسول - صلى الله عليه وسلم - ماضيًا في دعوتِه، قد أخذت عليه كلَّ همِّه، لا يفتأ عنها ليلاً ولا نهاراً. وزوجُه " خديجة " إلى جواره شامخةً شموخَ جبال " مكةَ " الشمّاء، لا تزعزعها الأهوال، ولا يميل بها خوفٌ ولا رجاء.
وجاء الحصارُ الآثم الغاشم - حصار (الشِّعب) - الذي استمر ثلاثَ سنوات، وتنتقل خديجةُ مع زوجِها - مع أنها ليست مِن بني هاشم -، وهي عجوز جاوزت ستين عاماً، قد شاب شعرُها ووهَن عظمُها، وخارتْ قوَّتُها، لكنَّ إيمانَها لا يزداد كلَّ يوم إلا شباباً، وثباتَها لا يزداد إلا صلابة. ها هي تبذل لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّ ما تقدر. بذلت شبابَها ولسانها ومالَها وعمرَها وكلَّ شيء في سبيل مرضاةِ اللهِ وفي سبيلِ إتمام النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مسيرة دعوته.
انتهى الحصارُ الغاشم، ولكن بدأت رحلتُها مع المرض - مرض الموت -، وتأتيها البشارةُ من ربِّها قبل موتها كالجوائز التي تمنح للعظماء في أواخر أدوارهم. هذا جبريل - عليه السلام - يُبَلِّغُها على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلامَ مِنَ الله ، والسلامَ منه، ويبشِّرُها ببيتٍ في الجنة مِن قصب - أي مِن ذهب -، لا صخَبَ فيه، ولا نصب. بيت من ذهب، لا صخب فيه، ولا ضجيج؛ مقابل ما تحمَّلتْه مِن صخب المشركين والمستهزئين مِن رجال قريش ونسائها. وميزة أخرى في هذا القصر: أنْ لا نصَبَ عليها فيه، راحة تامة؛ مقابل ما تعبتْ في أيامِها الخالية؛ لقد شاركتْ رسولَ الدعوة فدفعتْ ثمنَ شراكَتِها كثيراً مِن الجهد والسهر والبذل والعطاء؛ فعوَّضَها ربُّها خيرَ عوض.
ثم جاء ملَك الموت، فقبض روحَها الطاهر، وحزِنَ النبي - صلى الله عليه وسلم - على فقدها حزناً عظيماً - وحقَّ له -؛ حيث فَقدَ فيها الزوجَ الحنون، ورفيقةَ درب مدة ربع قرن، فقدَ العضدَ والنصير الداخليَّ الذي كان يخفف مِن أحزانه، ويمسح عنه غمومَه، وما أكثرها على النبي - صلى الله عليه وسلم- في تلك الفترة، حتى قال له ربُّه: {فلعلك باخِعٌ نفسَك}؛ أي: لعلك مهْلِكٌ نفسَك حزناً على عدم إيمان قومك.
مرت السنون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد موتِ خديجة، لكنه لم ينسَها، لم يُشغله عن ذكراها أعباء الدعوة، ولا هول الحروب، ولا الانشغال بتدبير بيوت عشر زوجات في وقت واحد، كان معها على غايةِ الوفاء، ومِن صورِ وفائه إكرامِه لصديقاتها، فما ذبح شاةً إلا وأرسل إليهنّ؛ إكراماً لذكرى خديجة. وجاءته - مرةً - عجوز؛ فهَشَّ لها وأقبل عليها، وأكرمها، فتعجبت " عائشة " مِن هذه الحفاوة ؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: إنها صديقة خديجة. وكان قلبُه يخفق حين يفجؤه ما يذكِّرُه بخديجة. ها هي " هالة بنت خويلد " تستأذن عليه - فجأة -؛ فسمع صوتَها، وذكَرَ فيه صوتَ " خديجة "؛ فهبَّ قائماً، وقال: " اللهم هالة، اللهم هالة " - أي: اللهم اجعلها هالة -.
ويتوج النبي - صلى الله عليه وسلم - " خديجة " بتيجان لا تبليها الأيام. لقد جعلها - صلى الله عليه وسلم - في مصاف " مريم بنت عمران "؛ حيث يقول: " خير نسائها - يعني الجنة -: مريم بنت عمران، وخير نسائها: خديجة بنت خويلد ". ويقول مبيناً بلوغَها قمةً في الكمال لم تبلغه مِن نساء العالمين إلا القليل: " كمُلَ مِن الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وآسية بنت مزاحِم ". وسمع مرةً فيها بعضَ ما يكره بدافع الغِيرة مِن بعضِ زوجاتِه - بعد موتِها بزمن-؛ فهبَّ مدافعاً عنها ذاكراً لجميلها، مُحيّياً لبعض فضائلها: " صدقتْني إذْ كذّبني الناس، وآمنتْ بي إذْ كفر بي الناس، وواستني بمالِها إذْ حرمني الناس، وكانت .. وكانت ..، وكان لي منها ولد ".
فرضيَ اللهُ عن خديجة، وأخذ بنواصي نساءِ الإسلام ليتخذن منها قدوةً وأسوة. وصلى الله وسلم على هذا النبيِّ الوفيِّ الكريم.
علي بن يحيى الحدادي
الرياض
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)